Monday 7 September 2015

أنت.. وقهوتك.. وقطار الموت العبثي



 تجلس على كنبتك المفضّلة... تحتسي قهوتك بحرص شديد وتتذوق مرارتها بكل ارتياح..
فالقهوة روتينك السحري الذي لا تمّل منه.. وطالما أن مذاقها لم يتغيّر بعد.. فالعالم من حولك، لا يزال.. كما هو..
فأنت مشرقي يؤرقك التغيير أياً كان..
فهو لا يعني مطلقاً أن الأمور أصبحت أفضل...

وبعد أن طمأنتك الرشفة الأولى... تتنهّد كمن يستعد لمواجهة حقيقة أكثر مراراً من قهوته ..
تسترق النظر إلى ساعة الحائط..

لقد حان الآن موعد النشرة الرئيسية على رأس الساعة..

تظهر قارئة النشرة بحلّة جميلة وبابتسامة خادعة
ترحّب بك.. لتأخذك في رحلة موجعة عبر قطار الموت العبثي ..
وما إن تنطق قائلة: "نستهلُّ نشرتنا بالعناوين" ،
وقبل أن تفكّر في تغيير المحطّة ..
تباغتك صور الموت...
وكمن استيقظ من سباته ليجد بأن كوابيس منامه أقل قسوة بكثير من كوابيس عالمه..
تشيح بنظرك على استحياء ..
وأنت تدرك في قرارة نفسك أن لا مهرب بعد الآن..
فقد رمقك ذاك الطفل الباكي بنظرة لوم وألم ..
هالك منظر دمار بيته وأفجعك أنين والدته بعد أن غدا يتيماً...
لقد "استشهد" ..
"قتل" ..
لا يهم فعلاً..
رحل والده برصاص..
رصاص من؟
لا يهم أيضاً..
مات موتاً عبثياً قاتماً..
كآلاف غيره ..
هل كان الضحية أم الجاني؟
لا يهم..
أياً كان ..فقد غدت حبيبته أرملة وأضحى ابنه يتيماً لا معيل له ولا سند...
اسودّ لون سمائه التي كانت ورديّة بالأمس وهرول به الزمان حتى شاخ في السادسة ..

لكنّك وقبل أن تخالجك مشاعر الأسى وتتراءى لك كل هذه الصور .. يسرقك قطار نشرة الموت العبثي إلى صور أخرى أكثر إيلاماً.. كطبيب يتبع مع مريضه "تكنيك" الألم التدريجي" ...
سفن وقوارب إنقاذ تنتشل ضحايا باغتهم الموت وهم في طريقهم إلى الحياة...
لا يمكنك أن تشيح بنظرك الآن..

قهوتك لم تبرد بعد .. ترتشف منها قليلاً وتعاود النظر..

تتوالى أخبار قاتمة الحزن..
الكون كله يتّشح بالسواد هذه الليلة..
كم تحلم يا صديقي بنشرة أخبار اعتيادية!!..
لأوطان اعتيادية..
لبشر اعتياديين ..
أخبار تناقش غلاء الأسعار، وهموم "المواطنين" ..
مواطنين لا يستيقظون على أصوات القنابل ولا يفزعهم رنين جرس الباب..
نشرة لا تعد جثث القتلى غير عابئة بأرواحهم ..
نشرة تحتفي بالحياة ولا تعتاش على الموت..
ذاك الموت العبثي ..

لا إجابة يا صديقي على أية من تساؤلاتك...

تغلق التلفاز وتنظر إلى ما تبقى من قهوتك..
لن تقوى على ارتشافه بتاتاً..
فقد تجاوزت الحد الأقصى للمرارة هذا اليوم..
أي حبٍّ سينجيك من قطار الموت العبثي ؟
وعند أي محطّة سيقرر أن يتوقف ويلقي بك؟

لن تعرف الإجابة بتاتاً يا صديقي.

تنظر إلى سقف بيتك،
 وإلى ضوء مصباحك الصغير بقرب سريرك ..
تطل من نافذتك الصغيرة على عالمك وترقب الريح تعول ..
تغلق النافذة على عجل وتلقي بنفسك إلى دفئ فراشك..

أنت الآن بمأمن ..ربما .. ربما.. 

Saturday 21 June 2014

ليأخذنا الرب!!


يقولون في هاشتاق #bringbackourboys أعيدوا أبناءنا الثلاثة.. ويذكرونهم بالاسم: إيال، جيلاد،نافتالي..
مستوطنون ثلاثة....
مستوطنون ثلاثة..
وجوههم لا تشبه وجوهنا.. أسماؤهم لا تشبه أسماءنا.. لا يشبهوننا في شيء..
أسماء استوطنتنا وتوغلت في أرضنا عنوة.. 
لا يشبهون هذه الأرض في شيء.. لكن لهم فيها حقاً أكثر منّا بكثير بوعد ممن لا يملك لمن لا يستحق.. 
أما نحن فلا صور شخصية ولا هاشتاق لأسرانا وشهدائنا ومظلومينا
يذكرون أسماءهم.. هم ثلاثة..
يزور خاطري شهداء الكرامة الثلاثة محمد جمجموم، فؤاد حجازي، وعطا الزير.. شبابنا الذين قضوا على أعقاب ثورة البراق عام ١٩٣٠إعداماً من قبل سلطات الاستعمار البريطاني..

أما نحن فلا صور شخصية ولا هاشتاق لأسرانا وشهدائنا ومظلومينا
.. 
هل لا زلنا نذكر أسماءهم؟ هل نذكر أسماء آلاف الأسرى ومئات الآلاف من الشهداء والمفقودين والمظلومين.. نحن أصحاب الحق والأرض؟ 
إنها الذاكرة.. لعنة الله عليها.. تؤلمنا وتبكينا إن كانت وفية لجراحنا وتذلنا عندما تخون دماء روت أرضاً أعياها الموت والأمل البائس 

إيال، جيلاد ونافتالي..
Bring back our boys

وماذا عنّا نحن؟ هل يعيد الهاشتاق من موطنه اليوم السماء من شهدائنا، وهل يعيد من يرشفون الملح والماء في زنارينكم المظلمة؟ وهل يعيد من هُجِّر من لاجئينا إلى منازلهم وأرضهم؟ هل يعيد لنا أرضنا؟.. 
أعيدوا لنا شيئاً واحداً فقط لن نثقل عليكم بمطالبنا .. أعيدوا لنا إنسانيتنا.. أعيدوا لإنساننا قيمته ولدمه ديّته وحرمته.. 
هذا العالم ضاق ذرعاً بنا و بقضيتنا البائسة ولا يعلم ماذا يفعل بنا لتعيشوا ويعيش "أبناؤكم" بخير وسلام على أرضنا ودمنا..
لقد هرم الوجع في داخلنا وليأخذنا الرب إلى جنّته، أو جحيمه.. عندها لن نملك سوى عدله ورأفته ولن يأتي مستعمر ليطردنا وينزع عنا هويتنا.. 

ليأخذنا الرب.. فقد اكتمل نصابنا .. 
لا نريد أن نكون الضحية أو الجلاد في هذا العالم المجحف. لا نريد أن نكون شيئاً بعد اليوم. 
فليأخذنا الرب إلى رحمته. 

Saturday 25 January 2014

هذيان

هناك .. قرب عينيك الدافئتين كموقد نار في ليلة شتاء شديدة البرد.. يقطن قلبي...

يضيع في دهاليزهما.. يفكر... نعم.. إن لي قلباً يفكّر... هل ذبت عشقاً أم أني أجدّف في تيار حبّك وحدي ؟؟

موحش هو الليل بدونك.. موحش وطويل..

أعشق الحلم وأشتهي النوم.. لأنهما يحملاني إليك..

لست ملكي .. ولست لك

وفي عينيك سفر طويل...

إلى بلاد بعيدة...

لا تؤدّي إلي...

أمّا أنا، فبوصلة قلبي لا تشير إلا نحوك..

وأجدني في أحلك لحظاتي وقمة ألمي أمشي نحوك..

قوة خفية تربط روحي بروحك..

حب لا يعرف المنطق.. لا يعرف المستحيل..

حب لا يكترث بالغد ..

يرديك معه الآن...

وليذهب الغد مع الطوفان..

حب يساري على طريقة الرحابنة..

لا يحتاج لأي شيء .. أي شيء إلا لك..

حب يهدُس باسمك .. بكل لغات الأرض .. علّك تأتي يوماً على جناح الشوق..

حب يأبى النسيان...

حب تغريه الهزيمة أمام عينيك.. 

حب لا يعرف حتمية الفراق..

حب فاته قطار الأمل...


إلا أنه لا يزال قابعاً في محطة الانتظار..

Tuesday 7 January 2014

ما أسهل ارتداء الأقنعة...



ما أسهل أن نصطنع السعادة...


أن نزدري حزناً أو وجعاً يخالجنا بقوّة...

أن نتظاهر بأننا لم نصارع الليل لننعم بلحظات من النوم الهادئ ونخفي بإتقان آثار السهر ..

لنعود في آخر المساء، ونختلي بوسائدنا وننزع أقنعتنا الخانقة التي ارتدينها بكل كبرياء طوال النهار....

ما أسهل أن نعيش كالغرباء.. 

أن نبصر في انعكاسنا على المرآة انكساراً مؤلماً.. شخصاً آخر، يدّعي أنه نحن.. 




Monday 6 January 2014

أن أكتبك...

أن أكتبك يعني أن أتعافى من نوبات الحنين.. من احتياجي لك.. وشوقي لعينيك .. 

أن أكتبك يعني أن ألفظ كل ما يهتف باسمك في داخلي إلى الأبد..

أن أكتبك يعني أن تتحول من روح تنبض في قلبي إلى ذكرى متلاشية.. 

أن تغادرني كما تغادر أوراق الخريف أشجارها وتذهب مع الريح. .. 

ألا أراك في كل وجه وكل طيف وخيال.. 
أن أكتبك يعني أن أشعر بالسعادة دون أن تمر بخاطري عيناك.. أن أضحك دون أن تداعب ضحكتك الساحرة سمعي ويتراءى لي وجهك البسام ..

فقط عندما أتمكن من كتابتك بكل صدق.. بكل تفاصيلك .. عندما سأتمكن من انتزاعك من قلبي إلى الأبد.. أن أكتبك يعني أن أنساك.. 

أن أكتبك.. 

كم أتوق يا حبيبي إلى أن أكتبك.. 



Monday 2 December 2013

أغداً ألقاك؟

 أيا غريب الهوى والشوق .. يا من تستبيح الهجر والجفاء.. 

يا من أسرت القلب بعد أن أقسم على ألا يكون إلا من الطلقاء..

يا من سبيت الروح وأضحى كبريائي في حضرتك أشلاء..

أغداً ألقاك؟ 

أم أن قلبك للوفا يتنكر؟ 

من علم عينيك يا مهجتي أن يتجبروا، يتكبروا؟ 

فليحذروا يا قاتلي ومخلّصي فليحذروا..

فالقلب إن خاب رجاؤه لن يبصرك .. 

أغداً ألقاك؟ 



Sunday 13 October 2013

قصاصات1 - أبي والعيد

هذه المجموعة أسميتها "قصاصات".. وهي ربما محاولة منّي للتعويض عن فترة غيابي الطويلة عن التدوين.. مجموعة "قصاصات" لآخر كتاباتي التي نشرتها من خلال فيسبوك وتويتر.. 


واقترب عيد الأضحى يا أبي.. وبدونك، لا عيد في عمري 



في مثل هذه الأيام، من أربع سنوات، قضيت معك يا أبي آخر أيامك قبل أن يودعنا وجهك المضيء ثاني أيام العيد. ومن يومها يا بابا ما في بعمري عيد

أبيع الدنيا وما فيها يا بابا لو يعود بي الزمان لأغمرك وأطبع على جبينك قبلة، وأقول لك فخورة بك وباسمك أنا ابنة أفضل رجل في العالم

العيد؛قبلة تطبعها على جبيني،ابتسامة تجلو عن وجهك هموم قاسيتها لأجلنا،عيدية منك وأحاديث وضحك وصور عائلية. من بعدك يا بابا لم ولن أشعر بالعيد

نعم أنا ابنة أفضل رجل في العالم.رجل كافح منذ طفولته وبنى نفسه بنفسه. رجل أفنى عمره لأجلي وأخوتي حتى آخر لحظاته.رجل وإنسان.أبي وحبيبي وصديقي

لو لم تكن أنت أبي ولو لم تزرع في حب المعرفة والثقافة وحرية التعبير والحرص والاجتهاد. لم أكن لأحقق أي شيء.لن أحب رجلاً مثلك،لن يوجد رجل مثلك

عيدك يا أبي في السماء أجمل بإذن الله، فقد أفنيت زهرة شبابك لتبني أسرة تشتاقك اليوم وكل يوم. عيد سعيد يا أبي يليق بروحك الطاهرة

رحلت يا أبي ذات ليلة، وغادرتني معك أشلاء من قلبي، فرحة النجاح والإنجاز والعيد.. غادرتني مشاعر لن يعوضني عنها سواك يوماً..