Wednesday 15 August 2012

السّر الكامن

"السّر الكامن"

بالإضافة إلى سلسلة "نوستالجيا" التي شرعت في كتابتها منذ أيام مضت أنا أعد كذلك سلسلة قصيرة سأكتبها على أجزاء عن زيارتي الأولى لبيروت و تعلّقي الغريب بها.. سأرفق هذه السلسلة بصور التقطتها بنفسي خلال الزيارة إلا أني أؤمن كما أقول و سأقول دوماً أن الكلمة بألف صورة و ليست الصورة بألف كلمة و أن الصور لا تقوى على نقل المشاعر و الأحاسيس بقدر ما تستطيع الكلمة أن ترسل ذبذبات سحرية تنفذ إلى قلب القارئ و عقله كالتعويذة
لهذا قررت أن أوثق رحلتي بالكلمات حتى أستعيد تلك المشاعر و الأحاسيس و الذبذبات بعد زمن
فالصور تجمّد لحظة فائتة مقتولة من عمرنا إلا أن اللحظة تخلّد بالكلمات

لن أطيل عليكم الحديث يا سادتي و إليكم الجزؤ الأول من سلسلة السرّ الكامن

"السر الكامن ١"


حالما بدأت الطائرة بالهبوط و إذ بإحساس المسافر العائد إلى وطنه ليعانق أرضه يدغدغ قلبي....

بدأت بالتقاط صور لجباله الشامخة بينما كانت عجلات الطائرة تستعد لملاقاة أرض مطار رفيق الحريري الدولي و كأني أشاهد شريطاً قديما يعود بذكرياتي

إلا أني لم أكن مسافراً عائدا .. بل كنت أزور بلداً جديداً غريبا عني للمرة الأولى ... إلا أنه و لسبب جهلته حينها لم يبد غريباً عني

نزلت من الطائرة و استلمت حقائبي و استقلّيت السيارة التي انطلقت في الشارع كـمن يوشك على خوض غمار معركةٍ تصارع فيها من أجل البقاء ... و البقاء، للأقوى ...

ازدحام جنوني .. نسق هذه المدينة سريع و لم أعهده من اقبل، إلّا أنه راق لي ... صخب هذه المدينة متآلف بصورة عجيبة

بدأت بالتقاط الصّور و إذ بسائق السيارة ينبهني ألاّ ألتقط صوراً حتى ندخل وسط المدينة و إلا تعرضت للمسائلة و الاستيلاء على الكاميرا من قبل الأمن اللبناني

لقد وصلنا الآن إلى وسط المدينة .. بدأت أتأمل أكثر فأكثر ما يحيط بي

بيوت متلاصقة عتيقة البناء
وجوه بسيطة تعبر الشارع و أخرى ترجو الإحسان

و في المقابل ... سيارات فخمة تمشي الهوينا و أخرى تتجاوزنا بسرعة جنونية
على يميني إعلان ضخم لقناة الميادين الداعمة للمقاومة، و من أمامي جسر قديم كتب عليه سنعود إلى فلسطين .. صور و ملصقات كتب عليها " الشعب يريد زياد الرحباني"

ألحّ على السائق بأسئلة لا تنتهي، و هو يجيبني برحابة صدر و يحاول أن يفسر لي التناقضات المتوالية أمام عيني لمدينة تعجز هي عن فهم نفسها

نقترب من الفندق الواقع بالقرب من رياض الصلح في شارع الحمرا.. أدخل غرفتي و ألقي بنظرة خاطفة من شبّاكها على الدكاكين و الأكشاك


لا يزال شعوري بالألفة و التآلف و العجب من هذه المدينة الغريبة القريبة يؤرقني

أغطّ في نوم عميق لساعات أزاحت عن جسدي إرهاق السفر و أستيقظ لأستحمّ و أنطلق لتبدأ رحلتي لاستكشاف السرّ الكامن في بيروت ....


  1. يتبع

Thursday 9 August 2012

نوستالجيا #1

هي مشاعر مجهولة الهوية... بعضها يلامس واقعي، بعضها الآخر يلامس قلبي لسبب ما.. ربما هي مشاعر عشتها في حياة سابقة.. أو في هذه الحياة غيرأن قلبي قرر أن يغير أجندته. أحب أن أسميها "فوضى روح" .. 

إنها سلسلة بدأت في كتابتها منذ فترة و سأنشر منها هنا في كل مرّة مقتطفات قصيرة و هي تعبر عن حالات أمر بها. مشاعري على الورق و لا شيء من المنطق أو الواقعية أحياناً.. نوستالجيا أو حنين 

نوستالجيا #1  


في غيابك, تبدو لي أحياناً كل الوجوه أنت.. كل العيون تنظر إلي باستغراب و لهفة: ألم تعرفيني بعد؟ أنسيتني بهذه السرعة؟  قد أعزو ذلك ربما لقصر النظر الذي أعاني منه و أرفض أن أعالجه أو أقتني النظارات الطبية. ربما, أنا سعيدة بوهمي هذا.سعيدة بأنه لعيني, كل وجه "قد" يكون أنت من بعيد, أستمتع بهذه اللهفة اللحظية و الارتباك و اللوعة و خليط المشاعر العجيبة التي تنتابني حين أراك, و لا أراك.

و من ثم لا ألبث أن أستعيد شعوري بذاتي المسلوبة و أسترجع بضعة الأنفاس المحبوسة التي تبقت من عمري عندما يقترب هو و لا يكون أنت, و يقترب صديقه و لا يكون أنت, و يضم ذاك حبيبه الشقراء و لا يكون أنت. و تغيب كل هذه الوجوه و لا يظل إلا أنت
قابع هناك في آخر الممر, معي و لست معي.. أحبك و أكرهك .. أمقتك و أعشقك.. أضيع في متاهات عينيك و أكره ذاتي بدونك.. فأنت كل التناقضات الكامنة في روحي الصغيرة المعذبة من بعدك.. أنت مزيج تلك المشاعرالإنسانية التي تختلج ذاتي..

أنا على يقين تام لا يخالجه شك أنك هناك قابع في آخر الممر, أراك من هنا بعيني ضعيفتي البصر قويتي البصيرة.. إلا أني لا أعرف أي طريق سيهوي بي بين ذراعيك..هل هو قريب أم بعيد.. هل هو فوق الأرض, تحت الأرض أم في السماء.. هل سألقاك مجددا في هذه الدنيا ام أن أكسجين هذه الحياة و صخبها و زواليتها لم تناسب حبنا الأزلي الشقي البائس الهارب من الوجوه و من الزمن..

أنت هناك قابع تنتظر بصبر لا ينتهي أن تأخذني خطاي إليك.. و أنا هنا أحبك في كل وجه و في كل خيال و ظلّ.. ..


أكرهك.. نعم, إني أكرهك .. فمعك و بك أضيع من نفسي. معك لا يعود الحلم مجدياً. أنت. إنه أنت. كنّا أم لم نكن يا حبيبي, فكيف لي أن أنسى كيف تهنا معاً ؟